للتفاعل على وسائل التواصل الإجتماعي

شاهد عيان

كيف يُمكنني أن انسى اصوات صراخهم وضحكاتهم عندما صوروني عارياً

حلِمتُ بوطنٍ يحترمُ مواطِنيه بإختلافاتِهم الجنسية والجندرية ، لكن سرعانَ ما تبدد الحلم وتشوهت معالم الحياة التي كنت أتطلعُ لها

Anonymous

نُشر المقال

في

صورة / من الواشنطن بوست

يستمر تجاهل الإعلام الغربي والمنظمات الحقوقية لأوضاع مجتمع الميم في مناطق سيطرة الإسلاميين المتطرفين وعدمَ وجودِ أيِّ توثيقٍ للإنتهاكات ، ف يظهرُ خبرَ اعتقالِ او مقتل شخصٍ مثليّ ويختفي خلال يومين او ثلاث ،ثم تعودُ المنظمات المدافعة عن حقوقِ المثليين إلى حفلات جمع التبرعات وشرب الشامبانيا على الشواطئ الدافئة ، نعم هكذا يرى المثليين في سوريا المدافعينَ عن حقوقِهم في الغرب ، يرونَهم أشخاصاً نظيفين يرتدون الملابس الفاخرة ، ويحصلون على الأموال على حسابِ أوجاعِهم .

أن تكونَ مثلياً ، تُعارِض وتنتقد الجماعات الإسلاميّة الراديكالية المتطرفة التي تسيطر على مدينتك ، فأنت جمعت بذلك المحرمات والتهم الكافية لتقومَ هيئة تحرير الشام والمرتبطة بتنظيم القاعدة بملاحقتك.

هذا ما حدث معي ، أنا شاب مثلي التوجه الجنسي و أعيشُ في مدينة إدلب شمال سوريا بالقرب من الحدود التركية ،بعد أن قام نظام الأسد بِتهجيرَنا قسراً أنا وعائلتي من حلب . كُنّا نَتَطلعُ للقليلِ من الأمل بعد أن غادرت قواته المناطق الشمالية في سوريا حتى جائت المجموعات الارهابية و نقلتنا الى فصل آخر من فصول الاستبداد والظلم .

يعاني مجتمع الميم في سوريا الأضطهاد المتقاطع ، مجتمعا ً تقليديٍّ من جهة والجماعات التكفيرية في جهة أخرى ، كنتُ معارضاً لسياسة النظام السوري ، لم أتوانى عن انتقاد التنظيمات الجهادية والجماعات الراديكالية التي كانت وما زالت تمارسُ الانتهاكات بحقِ المواطنين المدنيين وبخاصة مجتمع الميم ، وكانت حساباتي على مواقع التواصل منبراً لي للتحدث بحرية كما كنتُ أظن ، شَعرتُ انّي معزول عن باقي افراد مجتمع الميم في سوريا ،ورغبتُ ان اعرِفَ كيف يعيشون ، وهل هم يعانون مثلي ؟! لذا تقدمت عبر الانترنت لبرنامج تدريبي يقوم بتطوير قدرات الناشطين من مجتمع الميم عي المثليين والمثليات والعابرين جنسيا والعابرين جندرياً ، عَلِمتُ أن هذا قد يُعرضني للخطر .

حلِمتُ بوطنٍ يحترمُ مواطِنيه بإختلافاتِهم الجنسية والجندرية ، لكن سرعانَ ما تبدد الحلم وتشوهت معالم الحياة التي كنت أتطلعُ لها .

تم اعتقالي من قبلِ هيئة تحرير الشام التابعة لتنظيم القاعدة لأييام لم أَكن أعلمُ بعددها ، لقد كان كل شيئٍ مظلماً، قالوا أنَّها ثلاثُ ايام ، ظننتها أكثر بكثير لكم التعذيب الجسدي والنفسي اللذي تعرضتُ له ، رفضوا اعطائي الدواء , مما جعل حالتي الصحية تتدهورُ بشدة .

كانو يسألوني عن كلِّ شخصٍ يتضامنُ مع خبرِ أعتقالي على مواقع التواصل ، استخدموا هاتفي وحساباتي الشخصية , تمنيت حينها لو أنِّي أموت وأغادرَ هذا العالم بشكل سريع للهروب من الخوف الذي كان يسكن داخلي والأفكار السوداء التي تبادرت في ذهني حول مصيري بعد قليل ، أصوات صراخهم وضحكاتِهم عندما كانوا يصوروني عارياً ، رائحة الدماء والموت ، هل يمكنني نسيانها؟

بعد الضغط الاعلامي ،تم إطلاق سراحي وأصبحتُ كما يُقال أحدَ الناجيين في هذا العالم البائس ، لكن المأساة لم تتوقف، لازلتُ أتلقى رسائلَ التهديد ، بعدَ أن تم كشف ميولي الجنسية ، مارست إدارة جامعتي وطلابها أبشعَ أنواع التشهير والطعنِ بي وقاموا بأجباري على أنهاء مسيرتي التعليمية ، تم فصلي من عملي بعد ان قالو لي (لقد كشف أمرك ).

أُجبِرتُ على تركِ منزلي و الأنتقال لمنطقةٍ أُخرى تسيطرُ عليها فصائلَ مختلفة ، لكنَّ الموت يُلاحقني الى هنا ، كُلَّما حاولتُ تغييرَ رقم هاتفي يجدونَه ، ما الذي يريدونه ؟ إنهاءَ حياتي؟ ألا يكفيهم انّي خَسرتُ منزلي وجامعتي وعائلتي وعملي ؟ .

إنَّني وكما الكثير من أفراد مجتمع ميم عين، نتطلعُ للعيشِ بسلام وهدوء ، لذالك أناشدُ المجتمع الدولي وكل المنظمات الإنسانية والحقوقية، وفي قلبي ألم عميق وأمل كبير، أن يتحركوا لأنقاذنا من بين انياب هذه القوة الظلامية الارهابية .

أُراسل الأن المنظمات التي تساعد أفراد مجتمع الميم ،على أملِ النجاة والخروج من هذا المكان ، يجيبوني دائما ! بكلماتِ الأسف على حالي ويَتبعونَها بِجوابِهم عن عدم القدرة على المساعدة لتواجدي داخل سوريا ، يا لها من لعنة أن تتواجد في هذا المكان .

في التداول

العربية