للتفاعل على وسائل التواصل الإجتماعي

Sex & Dating

التجول : ليلة في طهران ، بحثاً عن الحب المُحرّم

في بلد حيثُ المثلية الجنسية يعاقب عليها بالإعدام، مجتمع الميم عين يخاطر بكل شيئ من أجل فرصة لقاء

Our Correspondent in Tehran

نُشر المقال

في

شبان بسيارات تجوب شوارع شمال طهران في عطلة نهاية الأسبوع الأخيرة

" لا يوجد لدينا مثليين في إيران. " يومض ، ينتقل الى شوارع شمالي طهران ، ويكمل. "الآن هذه السيارة تسير بمفردها . بدون سائق . انا لستُ موجود ." يقول بابَك، وهو رجل مثلي الجنس في العشرينات من عمره . " لا يوجد رجال مثليين في إيران، صحيح؟" مشيراً الى تعليق مخزي أدلى به الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد ، في خطاب ألقاه في العام ٢٠٠٧ في جامعة كولومبيا في نيويورك, ادعى فيه أن إيران لا يوجد فيها أي مثليين جنسياً .

"في إيران، لا يوجد لدينا مثليين جنسياً كما هو الحال في بلدك. لا وجود لذلك في بلدنا. في إيران، هذه الظاهرة غير موجودة لدينا . لا أعلم من قالَ لكم أنّ لدينا ذلك ". قالَ أحمدي نجاد في ذاك الوقت .

لكن بالتأكيد ، يوجد في إيران . مُخبّأة عن أعين السلطات ، حياة مثلية مفعمة بالألوان، مليئة بالشباب ، زاهية ، تتكيف مع الوضع ، مجتمع الميم عين يزدهر في الظل .  

خلال ساعة الذروة في عطلة نهاية الأسبوع في طهران، خرجتُ لتمضية بعض الوقت مع بابك ، وحبيبهُ ،وصديق لهما ، هُم أيضاً في العشرينات من العمر، لأرى كيف يلتقي أفراد مجتمع الميم عين الإيرانيين في بلدٍ حيثُ المثلية الجنسية عقوبتها الأعدام . 

العلاقات خارج إطار الزواج محظورة حتى بالنسبة للأشخاص المغايرين جنسياً في الجمهورية الإسلامية الإيرانية. يتم اعتقال العديد من الفتيان والفتيات لمواعدة بعضهم ، التحدث أو حتى شرب فنجان من القهوة في مقهى إن لم يكونوا متزوجين رسمياً . 

تقوم ما تسمى بشرطة الأخلاق بملاحقة الفتيات والفتيان في الشوارع للتأكد من أن الجميع يلتزم بالشريعة الإسلامية. ولهذا السبب، فإن ركوب السيارات هواية للشباب ، حيث يتجولون في شوارع المدينة ضمن مجموعات . في الجزء العلوي من مدينة طهران تقع المنطقة الأكثر شعبية التي يلتقي فيها المثليين للتعارف ، يتردد إليها الشباب بانتظام ويتبادلون أرقام هواتفهم .

خشايار، حبيب باباك، يجلس في المقعد الخلفي ويقول أنّ ذلك كان أسهل سابقاً . "كانوا يضعون لافتات في المطاعم والمقاهي أنّه لا يمكن للفتيات والفتيان الدخول إليها معا إذا لم يكونوا متزوجين. كنّا أنا و بابك نمسك بأيدي بعضنا البعض وندخل الى المقهى ، ولم يكن أحد يكترث بما يحدث".

نقطة تفتيش للشرطة في منطقة تجوال شمالي طهران

"أصدقائنا المغايرين جنسياً لم يتمكنوا من المجيئ إلى المطاعم، لكن نحن كنّا نقضي وقتاً ممتعاً وبسعادة لأن السلطات كانت ساذجة للغاية لمعرفة أن رجلين يمكن أن يكونا في علاقة أيضا . حتى أنّ بعض المناطق تحولت إلى أماكن مواعدة يتردد إليها مجتمع المثليين . ولو كان المفتشون الحكوميون قد جاءوا، لرأوا بعض الرجال يجلسون معاً أو مجموعات من النساء العازبات يستمتعن بوقتهن بعيداً عن الرجال".

"لكن الأمور تغيرت الآن " يقول بابك "يجب أن نكون حذرين. كما أصبح الناس أكثر إدراكاً بوجود مجتمع الميم عين ، يمكن لكثير من الناس أن يُخَمنوا ، حتى أن يسخروا منا في الأماكن العامة ".

يتذكر الليلة التي أدرك فيها أن الأمور تتصاعد. "ذات مرة، ذهبنا إلى مطعم رومانسي في شمال طهران. وكانت معظم العائلات الصغيرة أو الأزواج يجلسون، كان هناك شموع على الطاولات. عندما دخلنا أنا وخشايار، خمّنَ الجميع تقريبا ما كان يحدث . حتى النادل لم يكن متأكداً ما إذا كان عليه إضاءة الشمعة على الطاولة أم لا. طلب شاب يجلس مع زوجته على الطاولة المجاورة لنا من النادل عدم إشعال الشمعة على طاولتنا لأنه كان "مشمئزاً". لم نُبدي إيّ ردة فعل ، لكنَّه لم يكن شعوراً جيداً على الإطلاق. لهذا السبب معظم أوقات تسليتنا تكون بالتجوال في الشوارع في سيارة . بالطبع، أنا و خشايار لدينا بعضنا البعض.الليلة أتينا لنرى إن كان باستطاعتنا إيجاد الرجل المناسب ل أميرعلي. 

كيف يمكن للمرء أن يعرف من هو مثلي الجنس و من لا في هذا الزحام وفي هذه المدينة المكتظة ؟ ضحك خشايار . "في طهران، جميع الرجال مثليون ما لم يثبت العكس ".

أمير علي وضع وجهه في هاتفه المحمول ، سحب بيده على تطبيق جريندر باحثاً عن الرجال القريبين ، "بعض هؤلاء الناس في نفس الازدحام المروري " يقول هذا ويضحك . "انظر كم هذا بسيط !" 

بالطبع، الأمر ليس بهذه البساطة. قوات الأمن ونقاط التفتيش التابعة للنظام تتواجد في جميع أنحاء طهران. يتم تفتيش سيارات الشباب، ويمكن أن يقع الرجال والنساء غير المتزوجين في مشاكل. حتى الاستماع إلى الموسيقى الغربية غير المصرح بها في سيارتك يمكن أن يعرضك للخطر.

الشرطة تفتش سيارة في إحدى مناطق التجوال في طهران

يقول خشايار أنَّه ليس خائفاً. كما أنّ قوات الأمن منهكة أيضاً . "الوضع على هذا النحو منذ 40 عاما، لكننا نحن الناس لم نفتقده . نحن الجيل الذي لم يرَ الثورة الإسلامية حتى، النظام حاول جاهداً غسل أدمغتنا . كنتُ في العاشرة من عمري عندما قال أحمدي نجاد أنَّه لا يوجد مثليون جنسيا في إيران. لكن كلماته لم تكن ذات قيمة بالنسبة لي . وبمساعدة الإنترنت والقنوات الفضائية، تعلمنا أنّه يجب علينا أن نكون فخورين وأن نكافح ".

أمير علي غير مهتم بالنقاش . هاتفهُ يستمر بالرنين من المقعد الخلفي مع رسائل جديدة على غريندر. في ظلام ليل طهران ، تلمع عيناه. "عند التقاطع التالي، هناك شاب ينتظرنا. انظر كم هو جميل في الصورة !" يصرخ أمير علي، وهو يضع هاتفه أمام عيني باباك ، بينما يتنقل بنا باباك في الازدحام مروري. " قلت له أن يتوقف هناك حتى نتمكن من المرور واصطحابه".

أسأل أمير علي إن لم يكن خائفاً على الاطلاق؟ ماذا لو كانت هذه الصور مزيفة و إن كانت السلطات قد نصبت فخّاً له "ماذا ينبغي للمرء أن يفعل؟ نحن نعيش مرة واحدة فقط" يقول أمير . 

السيارات مُصطفة على التوالي ، بعضها يقوم بالتزمّير للمشاة . أغنية لويس فونس ديسبا سيتو لا تزال رائجة في طهران، ويمكنك سماعها في جميع السيارات. هذه أغنية أخرى ممنوعة هنا، ولكن يبدو أن لا أحداً يهتم بعد الآن. أمير علي يبحث بفضول عن الرجل ذو العضلات الذي تحدث معه على الغرايندر . "أوه لا ! اذهب !" يصرخ . "لا تتوقف! إنه ليس جيدا كما يبدو في صوَرِه ".

أُخبِرَهُ أن يقول للرجل أنّه ليس نوعه المفضل . يجيب ضاحكاً. "أنا مشغول جدا، يا عزيزي! دعني أوفر الوقت للبحث عن شخص آخر" .

أسأل أمير علي عن عدد المرات التي يقوم فيها بمواعدة الأشخاص في الشوارع . "بقدر ما يواعد الشباب في البلدان المتحررة في الحانات والنوادي"، يجيب أمير . "لسنا وحدنا. جميع الشباب في مثل عمرنا يفعلون الشيء نفسه. بطبيعة الحال، من المرير جدا أنَّ حُكام إيران يحرموننا من اللحظات السعيدة. ما زلت لا أفهم لماذا لا يريد حمقى النظام أن يرونا سعداء ".

يحافظ أمير علي على نظراته عبر النافذة خلال مُضيّنا ببطئ . نتجاوز سيارة . يصرخ مرة أخرى ويطلب من بابك أن يبطئ . يطرق أمير علي نافذة السيارة الأخرى ويطلب من السائق التحدث إليه. الشاب، جميل المظهر خلف عجلة القيادة رائع ومتّزن . يُحَييه أمير علي بضحكة. "مرحبا، أيّها الوسيم، هل يمكنني أخذ رقم هاتفك؟" يسأله أمير مع ابتسامة. يبتسم الشاب ويرد بهدوء: "لا يا أخي! أنا لستّ مثليّاً لكنك شجاع !"

أمير علي، بابك ، خشايار ، وأنا صدمنا لبعض اللحظات . يكسر أمير علي الصمت . "أنا متأكد أنّه كان مثلي الجنس. " 

يحدث هذا عدة مرات طوال الليل . 

العديد من الشابات والشباب الآخرين فعلوا ما فعلناه . كنا جميعا نحاول العثور على شخص للحب ، قلت لخشايار إنه على الأقل في الشوارع، يبدو الأشخاص المُغايرين جنسياً أكثر تعاطفاً مع مجتمع الميم عين ،بينما يحاولون هم أيضا مواعدة بعضهم البعض سرا. يجيبني خاشير: "لكن السلطات لا تنكر وجودهم. تذكر أن إيران لا يوجد فيها مواطنين مثليين جنسياً ".

في التداول

العربية