للتفاعل على وسائل التواصل الإجتماعي

الغرب

لماذا تخلّت الجمعيّات المثليّة عن الشرق الأوسط

تعمل هذه الجمعيات كوسيط بين الشركات الكبرى والسياسيين مكتسِيَةً ألوان قوس قزح.

Chadwick Moore

نُشر المقال

في

رئيسة جمعيّة چلاد GLAAD سارة كايت إليس // The Hollywood Reporter

هي شبكة من مئات الجمعيات التي لا تبغى الربح، تستقطب مئات الملايين من الدولارات سنويًا لتنفقها على الأعمال الخيرية وعلى الأعمال السياسية في صورة خاصة، خدمةً للحزب الديمقراطي الأميركي. 

لربّما سمعتم عن العديد من هذه الجمعيات، وقد لم تسمعوا أبدًا عن معظمها.  

تتشارك هذه الجمعيات أمر واحد، وهو موقفها الموحّد من القضايا التي تؤثّر على مجتمع الميم، وفي صورة خاصة موقفها الموحّد من القضايا التي لا علاقة لها إطلاقًا في المثليين، كالهجرة، والحد الأدنى للأجور، والإجهاض، والرعاية الصحية. وهنا المشكلة، إذ لا يسأل أحد عن نوايا هذه المنظمات، وعن طريقة عملها.

أظهرت دراسة أجريت عام ٢٠١٥ أنّ مجموع ميزانيّات ٤٢ من هذه الجمعيّات يعادل ٣٢٥ مليون دولار بعد تعديلها لمراعاة التضخم. وبعد تعديل بيانات رواتب عام ٢٠١٥ وفقًا للتضخم، تعادل الرواتب السنوية لأهمّ ١٠ مدراء في هذه الجمعيّات ٣،٨ مليون دولار، ما يقارب ٤٠٠،٠٠٠ دولار أمريكي سنويًا لإدارة منظمة لا تبغى الربح ومن المفترض أن تُعنى في الأعمال الخيرية.

من أين يأتي المال؟ تعمل هذه الجمعيات كوسيط بين الشركات الكبرى والسياسيين مكتسِيَةً ألوان قوس قزح، إذ تقدّم الشركات الكبرى والمؤسسات المتعددة الجنسيات عشرات الملايين من الدولارات لهذه الجمعيات. ويتساءل المرء عمّا تجنيه هذه الشركات مقابل هذا السخاء. أهو فقط ثمن تسويق المؤسّسة وتحسين صورتها من خلال الفضيلة وتمويل القضايا الإنسانيّة المحقّة؟ 

تصدر الجمعيات لائحة في المؤسسات “الصديقة”، أي ترتيب للشركات التي تتوافق مع معايير محدّدة تضعها الجمعيات. وإذ تجذب هذه اللائحة الصديقة المزيد من الزبائن للمؤسسات، تبذل الشركات قصارى جهدها لتتصدّر لائحة المؤسسات “الصديقة”. إلّا أنّ منفعة الشركات أكبر بكثير. 

نتساءل لماذا تلتزم هذه الجمعيات الصمت تقريبًا أمام إنتهاكات حقوق الإنسان وفي خاصة الإنتهاكات التي تطال المثليين وعابري النوع الإجتماعي في أنحاء العالم مثل الصين والشرق الأوسط. وفي الوقت نفسه، تستهلك هذه الجمعيات جميع مواردها لتشويه سمعتَي المسيحيين والحزب الجمهوري في الولايات المتحدة الأميركية. فما هي مصلحة مموّليها الكبار وتوجّههم؟ 

تدرك تلك الجمعيات أنّ الكفاح من أجل حقوق المثليين في أمريكا قد انتهى منذ عدّة سنوات. إلّا أنّ مواقع هذه الجمعيات الإلكترونية تظهِر حجم التحالف الوثيق مع الشركات الكبيرة التي تعتمد على الهجرة غير الشرعية لخفض تكلفة اليد العاملة ومع الشركات التي تهدف إلى نقل أعمال الأميركيين خارج أميركا، وهي أيضًا شريكات الصين وثيوقراطيات تناهض المثليين في الشرق الأوسط. فهذه الجمعيات ناشطة ضدّ وظائف الأمريكيين ومتحالفة مع المستفيدين من الحرب. 

فمن خلال تمويلها، تضمن الشركات إلتزام تلك الجمعيات الصمت التام أمام أيّة فظائع تُرتكب ضد المثليين في الصين أو في الشرق الأوسط أو في أيّ مكان لها فيه اهتمامات تجارية. 

كما يضمن التمويل أنّ الجمعيّات لن توفّر أيّ جهد في دعم مرشّح الشركات السياسي، وهو دائمًا اليوم من الحزب الديمقراطي الذي يروّج للعَولمة الإقتصادية وللحدود المفتوحة وللحرب اللامنتهية. 

وتتبع المؤسسات الإعلامية هذه الجمعيات من دون أيّ سؤال. فبعضها غير مهتم، وغيرها غبيّ جدًا، والبعض الآخر كسول جدًا ليدقّق في الخبر، فيحوّل الإعلام موقف تلك الجمعيات إلى الرأي الرسمي لجميع المثليين، متجاهلًا الجيوسياسية ومصالح الشركات، ومعتبرًا أنّ لجميع المثليين الرأي نفسه. 

أمّا الإعلام المثلي، فهو أيضًا فاسد وكسول، يديره ناشطون ديمقرايون من اليسار، يرفضون التنديد في سلوك المثليين السيئ، ويرفضون التحقيق مع أخواتهم في الجمعيات. 

خلال الحملة الرئاسية الأميركية عام ٢٠٢٠، أيّدت ١٢ مؤسسة إعلامية مثليّة المرشّح جو بايدن وتكلّمت جميعها مستخدمةً العبارات ذاتها حرفيًا. هي الوسائل الإعلامية التي ما توقّفت تهاجم دونالد ترامب خلال أكثر من أربع سنوات ومن دون توقّف، فأثارت الخوف، ونشرت الأكاذيب الفاضحة حول غرف الطوارئ، وتبنّي المثليّين، والخدمة العسكرية، لا بل أشارت إحداها على غلافها أنّ الرئيس ترامب في صدد تجريم مسيرات الإفتخار.  

إلّا أنّ الأفراد المثليين والمثليات ومزدوجي الجنس وعابري النوع الإجتماعي ليسوا جميعًا متشابهين. يعيشون في جميع أنحاء أمريكا، وهم متنوّعون مثل الشعب الأميركي. هم جمهوريون وديمقراطيون، ليبراليون ومحافظون، ليبرتاريون واشتراكيون، من أتباع دونالد ترامب وأتباع جو بايدن. إلّا أنّك إذا تجرّأت وفكّرت بحريّة، تلاقيك هذه الجمعيات مع الكثير من الإزدراء. 

تعود فينا الذاكرة إلى عام ٢٠١٦ عندما صرّحت هيلاري كلينتون أثناء الحملة الإنتخابية أنّ نصف مؤيّدي ترامب "مؤسفين”، فوضعت في “سلّة الأسف” أصحاب الأعمال الصغيرة والطبقة العاملة ومن يعيشون من دون إمتياز. هل تتذكّر أين كانت كلينتون في تلك اللّيلة الأنيقة حيث كان الجوّ مريحًا لها كَي تُهين عشرات الملايين من الناخبين الأمريكيين وتشير إلى أنّ لا قيمة لهم تقريبًا، والحضور يضحك ويصفّق؟ كانت في حفل لجمع التبرعات لهيومان رايتس كامباين (Human Rights Campaign) وهي جمعيّة من تلك الجمعيات.

تشادويك مور هو رئيس تحرير منصّة Outspoken وOutspoken Middle East وهو محرّر مساهم في The Spectator.

في التداول

العربية